كتب عمرو حمزاوي، مدير برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي، أنّ الغارات الإسرائيلية على قادة حماس في الدوحة أثارت ردود فعل إقليمية واسعة، انعكست على مواقف دول الخليج والمغرب وعلاقات إسرائيل بالمنطقة ككل.

أوضح موقع كارنيجي أنّ الهجوم مثّل جرس إنذار لدول الخليج التي وجدت نفسها أمام واقع يؤكد قدرة إسرائيل واستعدادها لاستخدام القوة العسكرية بلا قيود واضحة. فقد سارع قادة مجلس التعاون إلى إظهار تضامنهم مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من خلال الاتصالات والزيارات رفيعة المستوى، لكن هذا الدعم لم يتجاوز حدود البيانات القوية.

دعا الباحث الكويتي بدر السيف القادة لاستخدام أدوات الضغط الدبلوماسي والمالي لردع إسرائيل، بينما طالب رئيس الوزراء القطري بردّ جماعي من المنطقة. غير أنّ المحللين يرون أنّ دول الخليج تفتقر إلى أوراق قادرة على كبح إسرائيل، خاصة مع استمرار الدعم الأمريكي لتل أبيب وتفضيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الصراع المفتوح على أي تقارب إقليمي.

تناولت الورقة البحثية أيضاً وضع المغرب الذي يوازن بين ضغوط الشارع ومصالح الدولة. فمع توسع الاعتداءات الإسرائيلية خارج غزة، تصاعدت الأصوات الشعبية المطالبة بإنهاء التطبيع. ورغم إصدار الخارجية المغربية بياناً قوياً يدين قصف الدوحة وانتهاك سيادة قطر، فإن لغة المغرب بقيت معتدلة مقارنة بجيرانه. يعكس ذلك – بحسب التحليل – استفادة الرباط من التطبيع في مجالات اقتصادية وعسكرية وتقنية، إضافة إلى عمق العلاقة التاريخية مع واشنطن. ورغم انخفاض تأييد الرأي العام للتطبيع من 31% قبل 7 أكتوبر 2023 إلى 13% فقط بعد الحرب، لا يزال الحفاظ على الدعم الأمريكي لقضية الصحراء الغربية دافعاً رئيسياً للإبقاء على العلاقات مع إسرائيل.

وانتقل التقرير إلى مناقشة مسألة السيادة الإقليمية، موضحاً أنّ إسرائيل انتهكت منذ 7 أكتوبر أجواء وأراضي إيران ولبنان وسوريا واليمن والأراضي الفلسطينية وأخيراً قطر. هذه الانتهاكات، إلى جانب دعوات وزراء إسرائيليين لضم الضفة الغربية، تثير سؤالاً أساسياً حول أولويات إسرائيل: هل تسعى للسلام أم للضم؟ تصريحات نتنياهو حول “إسرائيل الكبرى” تكشف أنّ الهدف الحقيقي للتحالف الحاكم هو توسيع السيطرة وطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، فيما يعاني سكان غزة والضفة من أوضاع إنسانية متدهورة مع تصاعد العنف الاستيطاني.

وأشار التحليل إلى أنّ هذه الانتهاكات تقوض منطق اتفاقيات أبراهام. فالهجوم على قطر – الدولة الحليفة لواشنطن وصاحبة أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة – كشف حدود قدرة الولايات المتحدة على حماية شركائها. وقد يفتح الباب أمام مراجعة الإمارات والبحرين لمستوى علاقاتهما مع إسرائيل، بينما يجعل من المستحيل على السعودية المضي في أي اتفاق سلام معها من دون قيام دولة فلسطينية.

وفي تقييم أهداف نتنياهو، أوضح التقرير أنّ الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة لا ترغب في إنهاء الحرب أو إنجاح جهود الوساطة، بل تعمد إلى استهداف المفاوضين أنفسهم. ضربات الدوحة حملت رسالة واضحة: لا تفاوض، ولا هدنة، وإنما استمرار للحرب في غزة وتوسيع رقعة الصراع إقليمياً. هذه السياسة تعرض استقرار الشرق الأوسط للخطر وتدفع نحو سباقات تسلح وصراعات مفتوحة، ما يهدد اتفاقات السلام القائمة ويعيق أي محاولات للتطبيع الجديد.

ورغم إضعاف حماس عسكرياً وسياسياً بعد حرب السنتين، لم تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة: لم تُستعد كل الرهائن، ولم يُقضَ على الحركة بالكامل، ولم يخرج الفلسطينيون من غزة. بل على العكس، زادت التعاطفات العالمية مع القضية الفلسطينية، وارتفعت الأصوات المطالبة بإنهاء الاحتلال والاعتراف بدولة فلسطين.

واختتم حمزاوي بالقول إن إسرائيل اليوم باتت دولة تمارس سلوكاً إقليمياً منفلتاً يهدد استقرار المنطقة ويعرّض مصالحها نفسها للخطر. سياسات نتنياهو وحلفائه، القائمة على الغطرسة العسكرية وإنكار الواقع، لا تُقوّض فقط صورة إسرائيل لدى جيرانها العرب بل تفتح الباب أمام عزلة سياسية وتراجع فرصها في أي سلام مستقبلي.

https://carnegieendowment.org/emissary/2025/09/israel-qatar-hamas-strikes-fallout-abraham-accords-gaza?lang=en